-
السلآم عليكم ورحمة الله وبركـآته ..
بسم الله الرحمن الرحيم تمتزج مأساة السوريين بمأساة وطنهم الذي ينتشر الموت في الكثير من بقاعه منذ أكثر من سنة، وكما هي الحال
دائماً، فإن الفئات الأكثر ضعفاً تدفع دائماً الثمن الأكبر، لذلك ركزت الأمم المتحدة على الأطفال وما تعرضوا له من قتل
وتعذيب وتشريد، بينما أخذ ثوار البلاد منهم رمزاً للأمل بالمستقبل، فبرز الطفل “عمر” الذي تختصر قصته واقع البلاد.
var so = new SWFObject('/fvp/player.swf','mpl','470','320','9');
so.addParam('allowfullscreen','true');
so.addParam('allowscriptaccess','always');
so.addParam('wmode','opaque');
so.addVariable('file','IpSGhHDytO0');
so.addVariable('backcolor','CCCCFF');
so.addVariable('frontcolor','000000');
so.addVariable('lightcolor','000000');
so.addVariable('screencolor','000000');
so.write('mediaspace');
وعمر قربي هو أحد أشهر أطفال سوريا اليوم، وبخلاف أقرانه مثل “حمزة” و”هاجر” الذين باتت صورهم أيقونات للثورة، فهو
ما زال على قيد الحياة، وإن كان يعاني من آلام البعد عن الأهل والوطن، بينما يصارع جسمه الطري مرضاً يصعب علاجه.
ويقول من يتابع الأحداث في سوريا إن الأطفال كسروا حاجز الخوف الذي سيطر خلال أربعين عامًا على نفوس الأجداد
والآباء حين خطوا على حيطان مدارسهم في درعا “الشعب يريد إسقاط النظام،” و”الله سوريا حرية وبس” و”الموت ولا المذلة.”
وعمر من مدينة أريحا التي تقع في الشمال الغربي من سوريا، تتبع إداريًا لمحافظة إدلب وتبعد 70 كلم
غربًا عن مدينة حلب، ويبلغ عمر من العمر أربع سنوات وثلاثة أشهر ، فهو من موالد 15 فبراير/شباط 2008.
أما مصير عائلة عمر فهو مشابه لمصير آلاف العائلات السورية، فأمه توفيت بسبب الحصار الشديد الذي عانت منه المدينة
في صيف العام الماضي، حيث جاءها المخاض وهي حامل بأخيه الصغير حمزة، وخلال الولادة تمزق رحمها ونزفت حتى الموت.
وعانت والدة عمر من آلام الولادة بشدة قبل وفاتها، وكانت العائلة حبيسة المنزل، على ما يؤكده عم عمر، عبدالقادر، الذي يقوم برعايته حالياً،
مشيراً إلى أن العائلة لم تتمكن من أخذ الأم إلى المستشفى بسبب حصار الدبابات، والقصف والقنص العشوائي لأي شيء يتحرك في المدينة.
أما والد عمر، فقد تزوج امرأة أخرى بعد وفاة زوجته، لتعينه على تربية أولاده الثلاثة الذين تُرِكُوا أيتامًا، ورغم طيب
معاملتها لهم، إلا أن الطفل الأكبر زهير، والذي يبلغ من العمر خمس سنوات ونصف لم يتقبل فكرة أن تكون له أم بديلة،
فغرق في حالة من الاكتئاب والانطواء، بينما انتقل حمزة، الولد الأصغر، فقد انتقل إلى بيت عمته لإرضاعه والعناية بشؤونه.
وقادت الأقدار عمر إلى السفر مع جدته إلى بيت عمه الذي يقيم في مصر بداعي الدراسة للعلاج من مرض مزمن
يعاني منه وهو مرض تخزين الكلايكوجين في الكبد، ويسبب له هذا المرض قِصرًا في القامة، وجفافًا في الجلد.
ويقول عبدالقادر إن ابن شقيقه عمر إلى مصر؛ لأن المشافي السورية “لم تعد مكانًا آمنًا للعلاج، بل تحولت إلى مراكز
للاعتقال وتصفية الناشطين، ومراكز لتجميع وانتقال الشبيحة لقمع المظاهرات السلمية التي تخرج في المدن السورية.”
ويضيف عبدالقادر: “منذ مجيء الطفل عمر إلى مصر تواصلنا مع خيرة أطباء مصر المتخصصين بمرض الكبد للأطفال وفعلًا قاموا بالفحوصات
والتحاليل اللازمة وتم تشخيص المرض بدقة، وعلمنا بعدها يقينًا بأن هذا المرض لا علاج له وسيرافقه إلى سن البلوغ على الأقل، ولا بد من اتباع
برنامج غذائي معين، وقد قمنا بإرسال نتائج التحاليل والفحصوات إلى بعض مراكز الأبحاث الطبية في فرنسا وأمريكا وكانت النتيجة نفسها.”
عمر لم يتغير عليه شيء خارج بلده حيث إنه صغير أولًا ولا يعي حجم الكارثة، ولأن من يلتقي بهم ويعيش معهم
هم سوريون، ولأنه وجد من الحنان والعطف ما لم يجده غيره من الأطفال السوريين الذين فقدوا آباءهم أو أمهاتهم.
ويعيش عمر كل ما عاشه كل أطفال سوريا في ظل أجواء الثورة ومواجهة الظلم والمطالبة بالحرية والكرامة، فهو يردد ما يسمعه من الكبار
في محيطه الذي هو فيه، حتى باتت “الثورة” لعبته التي يلعبها مع أبناء جيله، وتراه مسرورًا جدًا بممارسة دور الثائر المواجه للظلم والرافض
له، حتى انتشرت صوره وتسجيلاته في شبكة الانترنت، وتأسست صفحات متعاطفة معه على موقع فيسبوك، تضم آلاف المشتركين.
ويقول عبدالقادر عن شخصية عمر الداخلية إنه “طفل سعيد، السرور يملأ حياته، والبهجة لا تفارق وجهه، وتحل السعادة
في البيت أو المكان الذي يحل فيه، لا يكره أحدًا ولا يحقد على أحد، ويعامل المحيط الذي هو فيه بكل أدب واحترام، يسمع ما يقال له
من نصائح ويحاول جاهدًا أن يطبقها وأن لا يخالف أمرًا، ويحرص حرصًا شديدًا على رضا من حوله ممن يقومون على أمره وتربيته.”
وشرح عبدالقادر كيفية تحوله إلى أحد رموز الثورة في بلده بالقول: “بدأت صور عمر بالانتشار عندما انتشر أول فيديو له في مؤتمر ضخم
ضم مجموعة من الشخصيات والفعاليات السياسية والاقتصادية والدينية
هنـآ ، وكان ذلك في مؤتمر لنصرة وإغاثة الشعب السوري نظمته هيئة الشام الدولة
لإغاثة الشعب السوري في قاعة المؤتمرات بالأزهر الشريف وكانت فعاليات ذلك المؤتمر منقولة على الهواء مباشرة على أغلب القنوات.”
وأضاف: “وبعد ذلك أصبحت صور وفيديوهات عمر تنتشر وأصبح له مئات الآلاف من المتابعين على اليوتيوب. وكنت
آخذه معي إلى المظاهرات المطالبة بالحرية في مصر أمام السفارة السورية في القاهرة والسفارة الروسية والصينية
تنديدًا بموقفهما من الثورة السورية المباركة وكان يقود المظاهرات فيها وبذلك أصبح رمزًا للثورة السورية في مصر.”
ولم تتغير حياة عمر بعد تحوله رمزًا للثورة السورية، بل على العكس تمامًا أصبحت حياته أكثر سعادة، وخروجه المستمر
من البيت وتواصله مع شريحة كبيرة من المجتمعين السوري والمصري على السواء جعل عنده الجرأة والقوة والإصرار.
وعن سر النظرة المميزة التي تظهر في صور عمر فيقول عمه: “هي نظرة تشع أملًا، فهي ترسم الطريق الذي ستصبح
عليه سوريا المستقبل، سوريا الكرامة، سوريا العزة، سوريا الإباء، سوريا التي يتساوى فيها جميع السوريين تحت سقف القانون.”
ويتابع قائلاً: “هي نظرة كل السوريين للمستقبل المشرق، هي نظرة الإصرار والعزيمة الصادقة على استكمال المسيرة حتى آخر
قطرة دم، هي نظرة التحدي والرجولة التي يتمتع بها السوريون الذي وقفوا أمام أعتى آلة حربية واستمروا بثورتهم ببطولة منقطعة النظير.”
ويرى عبدالقادر أن قصة ابن شقيقة هي “سطر واحد من قصة عذابات وآلام أطفال سوريا،” مضيفاً أن عمر وجد من يحنو عليه، ومن يحضنه
ويقوم بأمره، ومن يعوضه عن حنان الأم، أما أطفال سوريا الذي يُتموا وشُردوا وتقطعت بهم السبل في مخيمات اللجوء فتلك مأساة ما بعدها مأساة.